فضاء حر

المبالغة في اظهار الفضيلة عادة ما تكون ستارا للرذيلة

يمنات

د. عمر العودي

من الغريب ان استاذ اكاديمي في كلية الاعلام ينزلق الى القذف والتجريح للاخرين من يختلف معهم في وجهة النظر ويتبنى لغة والفاظ هابطة وتوجيه اتهام غير اخلاقي لشريحة واسعة من افراد المجتمع والطعن في اخلاقهم وشرفهم العائلي على خلفية تعبيرهم عن آرؤهم في قرار الفصل بين الشباب والشابات في حرم الجامعة.

وحقيقة ان كل اناء بما فيه ينضح، وهذا الاكاديمي الذي ينظر الى الاخرين من موقع مايدور في خاطرة وربما ماكان يفعله في الجامعة التي درس فيها، ويظن ان كل الناس على شاكلته ويعكس نظرته الى الجامعات ليس في اليمن فحسب، بل في كل بلاد المسلمين الذين لاتوجد سياسة الفصل بين الذكور والاناث، على اعتبار ان الحرم الجامعي يعتبر مقدسا ليس للطلاب والطالبات فقط، بل وللاساتذة في الجامعات، وهو بيئة تعليمية وتربوية وليس كما يتخيلها ذلك الاكاديمي المتوجس للشر والفاحشة التي تعشعش فقط في مخيلته.

ومن الملفت للنظر ان هذا الاكاديمي استخدم لغة استعراضية مستهجنة في وضع الاسئلة الاستفزازية الفاقدة للجوهر والبعيدة عن الواقع، ويريد التصوير للمتلقي ان الجامعات في كل مكان غارقة في الرذيلة، بما يجعلنا نضع تساؤلات كثيرة على قيادة جامعة صنعاء وكلية الاعلام عن ضرورة ايجاد معايير اخلاقية وعلمية لقبول الاساتذة في الجامعات والكليات، وربما من هذه المعايير ان لا ينحدر المتقدم اخلاقيا الى المستوى الذي وصل اليه ذلك الاكاديمي الذي لايمكن لاي انسان اكاديمي ان يصل الى مستوى الانحطاط الذي وصل اليه.

ولعل هناك قصص في الموروث الاسلامي تتحدث بتوصيف دقيق عن اولئك الذي يبالغون في اظهار الفضيلة، وتبين تلك المرويات ان المبالغات في اظهار الفضيلة دائما تخفي ورائها اشخاص منغمسين في الرذيلة حتى حلمات اذانهم، فقد روي أنه ذات يوم دخل الزوج فوجد زوجته تبكي فسألها عن السبب فقالت إن العصافير التي فوق شجرة بيتنا تنظر إلي حينما أكون بدون حجاب وهذا قد يكون فيه معصية الله، فقبلها الزوج بين عينيها على عفتها وخوفها من الله وأحضر فأس وقطع الشجرة. بعد أسبوع عاد الزوج من العمل مبكراً فوجد زوجته نائمة بأحضان عشيقها..! لم يفعل شيء سوى أنه اخذ ما يحتاجه وهرب من المدينة كلها. فوصل إلى مدينة بعيدة فوجد الناس مجتمعين قرب قصر الملك، سألهم عن السبب قالوا خزينة الملك قد سُرقت. في هذه الأثناء مر رجل يسير على أطراف أصابعه فسأل من هذا..؟!! قالوا هو شيخ المدينة يمشي على أطراف أصابعه خوفاً أن يدعس نملة فيعصي الله! فقال الرجل تالله لقد وجدت السارق أرسلوني للملك. فقال للملك أن الشيخ هو من سرق خزينتك وإن كنت مدعياً فاقطع رأسي. فأحضر الجنود الشيخ وبعد التحقيق اعترف بالسرقة..! فقال الملك للرجل كيف عرفت أنه السارق..؟!! قال الرجل: حينما يكون الإحتياط مبالغاً فيه والكلام عن الفضيلة مبالغا به فاعلم أنه تغطية لجرم ما..

(وللقصة عبرة) يوجد في حياتنا أشخاص صرعونا بالمثاليات وتبين لنا أنهم أنذل البشر، أغمض عينيك و فكر من في حياتك يتصنع المثالية وستذهل من عدد الاشخاص المستشرفين في حياتك..!! قد تؤلم البعض لكنها الحقيقة.

زر الذهاب إلى الأعلى